مستقبل مصر
في أحد البنوك كانت هناك مجموعة كبيرة من الشباب يجلسون في صالة كبيرة انتظاراً لأدوارهم ، جاء أحمد مبكراً ؛ فلم ينم ليلته محاولاً استذكار كل ما درسه في الجامعة ، وجد مكاناً شاغراً جلس ينتظر دوره ، لم يقلق في حياته قلقه اليوم ؛ إن لم يفلح في العمل اليوم فهذا يعني :
( سنوات طويلة أخرى من البطالة القاتلة ، والفقر المذل )
لقد ضاق ذراعاً بحياته ، وهو يرى كل من حوله يتحركون إلا هو .
( أمس الأول تزوج صديقي العزيز سمير في حفل كبير )
سمير ابن مقاول كبير ، أما أبوه .
( فلا يكفينا القوت )
حسد سمير على العمل ، والغنى ، والزواج رغم أن سمير
( صديق عمري ، وكنت أتمنى له كل خير )
جاء اليوم وهو يحلم بالنجاح ، والتعيين ، فيعد يتحمل البطالة أكثر من ذلك .
جاءت فتاة ترتدي ثوباً رخيص الثمن ، ولكنها تبدو فيه جميلة
- ( يا لها من مفاجأة لم تكن في الحسبان ، لم أكن أتوقع أن أراها بعد هذه السنوات )
اضطربت نادية عندما رأته .
- ( أحمد .. كم كنت أحبه )
- ( نادية .. كم كنت أحبها )
- ( كنت أنتظر منه كلمة حب واحدة )
- ( خشيت أن تجرح مشاعري )
- ( انتظرت كثيراً بلا أمل )
- (خشيت من حرماني حتى من الأمل في حبها )
- ( كان حبه عذاباً ، وفراقه موت )
- ( كان القرار ضرورة ، وكان الخوف من الفشل قاتلاً ، فضلت أن أعيش جباناً ، ولا أموت شهيداً )
- ( ربما خاف من أن أصدمه )
- ( ربما كانت تحبني )
- ( حانت الفرصة الأخيرة )
نظرت إليه ، وافتر ثغرها عن ابتسامة عذبة ، وأشارت له بيدها إشارة خفيفة .
- ( الفرصة قد حانت فلا تضيعها ، إنها تبتسم لك ، قم إليها وحدثها بما في قلبك ، فلن يكون جوابها أمر مما عشت فيه من الحيرة )
خطا نحوها عدة خطوات ، وعلى وجهه ابتسامة ، قامت متهللة ، أسرع الخُطَى ، مدت يدها ، استوقفه صوت الموظف يعلن عن شغل الوظيفة المعلن عنها ؛ تجمد في مكانه ، ظلت يدها ممدودة، لم يخطُ نحوها خطوة واحدة ، بدأت يدها في الهبوط رويداً .. رويداً ، بدأت رأسه في التنكيس شيئاً .. فشيئاً ، جلست حزينة كاسفة البال ، أما هو فقد غادر المكان في الحال .
***