admin1
المساهمات : 88 تاريخ التسجيل : 12/12/2009
| موضوع: قصة " الهدهد زاهي " من سلسلة أصدقاء البيئة للكاتب محمد يونس هاشم الأربعاء أبريل 25, 2012 1:33 pm | |
| سِلْسِلَةُ أَصْدِقَاءِ الْبِيئَةِكَانَ هُنَاكَ هُدْهُدٌ صَغِيرٌ يَعِيشُ هُوَ وَأُمُّهُ فَوْقَ شَجَرَةٍ كَبِيرَةٍ فِي مَزْرَعَةِ عَمِّ رُضْوَانَ.. كَانَتِ الْأُمُّ تُحَضِّرُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ لِلْهُدْهُدِ حَتَّى كَبُرَ رِيشُهُ وَقَوِيَ جَنَاحَاهُ وَاسْتَطَاعَ أَنْ يَطِيرَ وَيَعْتَمِدَ عَلَى نَفْسِهِ.عُرِفَ الْهُدْهُدُ بَيْنَ الطُّيُورِ بِاسْمِ زَاهِي نَظَرًا لِجَمَالِ أَلْوَانِ رِيشِهِ . كَانَتْ أُمُّهُ تُحِبُّهُ كَثِيرًا ؛ لِذَا َقَبْلَ أَنْ يَقُومَ بِأَوَّلِ رِحْلَةِ طَيَرَانٍ لِكَسْبِ قُوتِهِ قَالَتْ لَهُ نَاصِحَةً:- احْذَرْ يَا بُنَي مِنْ أَكْلِ الزُّرُوعِ الْمَرْشُوشَةِ بِالْمُبِيدَاتِ الضَّارَّةِ كَالَّتِي يَرُشُّهَا "وَالِي" فِي مَزْرَعَتِهِ.- لِمَاذَا يَا أُمِّي؟- حَتَّى لَا تُصَابَ بِالْأَمْرَاضِ، وَلَا تَقْوَى عَلَى الطَّيَرَانِ، وَتَفْقِدَ رِيشَكَ الْجَمِيلَ.سَمِعَ زَاهِي كَلَامَ أُمِّهِ وَكَانَ فِي كُلِّ يَوْمٍ يَذْهَبُ مَعَهَا إِلَى مَزْرَعَةِ عَمِّ رُضْوَانَ فَهُوَ رَجُلٌ طَيِّبٌ، صَدِيقٌ لِطُيُورِ الْحَقْلِ: الْهُدْهُدِ، وَ(أَبُو قِرْدَان)، وَ(أَبُو فَصَادَة).. يَفْرَحُ بِرُؤْيَتِهَا وَيَسْمَحُ لَهَا بِالْعَمَلِ مَعَهُ فِي حَقْلِهِ فَتُنَقِّي أَرْضَهُ مِنَ الدِّيدَانِ وَالْحَشَرَاتِ وَالْحَشَائِشِ الضَّارَّةِ.فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ تَعَرَّفَ زَاهِي عَلَى غُرَابٍ يُسَمَّى " شَارِد "، كَانَ قَدْ لَاحَظَ أَنَّهُ يَطِيرُ وَحِيدًا، وَكُلُّ الطُّيُورِ تَنْفِرُ مِنْهُ.قَالَ زَاهِي لِشَارِد: لِمَاذَا أَرَاكَ دَائِمًا تَطِيرُ وَحِيدًا، أَيْنَ أَهْلُكَ وَأَقَارِبُكَ؟قَالَ شَارِدٌ: لَقَدْ تَرَكْتُ عُشِّي وَهَجَرْتُهُمْ.- لِمَاذَا؟ - يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَكَّمُوا فِي حَيَاتِي.. افْعَلْ هَذَا.. لَا تَفْعَلْ هَذَا.. كُلْ مَنْ هَذَا الطَّعَامِ، وَابْتَعِدْ عَنَ هَذَا.. ضِقْتُ بِكَثْرَةِ النَّصَائِحِ، وَقَرَّرْتُ أَنْ أَعِيشَ بِمُفْرَدِي أَفْعَلُ مَا أَشَاءُ.- وَهَلْ أَنْتَ سَعِيدٌ بِذَلِكَ؟ - نَعَمْ.. كُلَّ السَّعَادَةِ.. أَنَا الْآنَ حُرٌّ، أَفْعَلُ مَا يَحْلُو لِي.. أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ مِثْلِي؟ قَالَ زَاهِي فِي نَفْسِهِ " لِمَاذَا لَا أَكُونُ مِثْلَ شَارِد؟ لِمَاذَا عَلَيَّ أَنْ أُطِيعَ أُمِّي فِي كُلِّ مَا تَأْمُرُنِي بِهِ؟ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَكُونَ حُرًّا.لَاحَظَ شَارِدٌ أَنْ زَاهِي لَمْ يُجِبْ عَنْ سُؤَالِهِ فَكَرَّرَهُ مَرَّةً ثَانِيَةً: أَتُرِيدُ أَنْ تَكُونَ حُرًّا مِثْلِي؟ أَجَابَهُ زَاهِي: نَعَمْ، لَقَدْ مَلَلْتُ كَثْرَةَ الْأَوَامِرِ، وَالنَّصَائِحِ. - إِذَنْ تَعَالَى مَعِي، بِالْأَمْسِ رَأَيْتُ مَزْرَعَةً عَلَى أَطْرَافِ الْقَرْيَةِ، مَلِيئَةً بِفَوَاكِهَ لَمْ أَرَ مِثْلَهَا أَكْبَرَ حَجْمًا، وَأَزْهَى أَلْوَانًا. - مَزْرَعَةُ مَنْ هَذِهِ؟ - إِنَّهَا مَزْرَعَةُ وَالِي. - لَقَدْ حَذَّرَتْنِي أُمِّي مِنْهَا. - لِمَاذَا؟ - قَالَتْ: إِنَّ وَالِي يَرُشُّهَا بِمُبِيدَاتٍ ضَارَّةٍ غَيْرِ الَّتِي يَنْصَحُ بِهَا الْمُهَنْدِسُ الزِّرَاعِيُّ. - وَهَلْ عَلَيْكَ أَنْ تُطِيعَ كَلَامَ أُمِّكَ؟ أَلَمْ نَتَّفِقْ أَنْ نَعِيشَ أَحْرَارًا نَفْعَلُ مَا نَشَاءُ. عِنْدَمَا وَصَلَا قَالَ زَاهِي: مَعَكَ حَقٌّ.. الْفَوَاكِهُ تَبْدُو أَكْبَرَ وَأَجْمَلَ. - انْظُرْ إِلَى الْفرَاولَةِ إِنَّهَا فِي حَجْمِ الطَّمَاطِمِ، وَالْخَوْخِ يُشْبِهُ الْبُرْتُقَالَ الصَّغِيرَ، وَالْبَرْقُوقَ يَبْدُو بَرَّاقًا، هَيَّا، أَنَا لَا أَطِيقُ صَبْرًا عَلَى رُؤْيَةِ هَذِهِ الْفَوَاكِهِ دُونَ الْأَكْلِ مِنْهَا. - أَخْشَى أَنْ تَعْرِفَ أُمِّي أَنِّي خَالَفْتَ أَمْرَهَا فَتَغْضَبُ. - وَمَنِ الَّذِي سَيُخْبِرُهَا؟ كَمَا أَنَّكَ لَمْ تَعُدْ صَغِيرًا وَمِنْ حَقِّكَ أَنْ تَفْعَلَ مَا تَشَاءُ. وَهَجَمَا عَلَى مَزْرَعَةِ وَالِي يَلْتَهِمُونَ مِنْ فَوَاكِهِهَا بِنَهَمٍ شَدِيدٍ حَتَّى امْتَلَأَتْ بُطُونُهُمَا عَنْ آخِرِهَا. عَادَ زَاهِي إِلَى عُشِّهِ سَعِيدًا، وَعِنْدَمَا سَأَلَتْهُ أُمُّهُ أَيْنَ كَانَ أَخْبَرَهَا أَنَّهُ كَانَ يَعْمَلُ فِي حَقْلٍ مُجَاوِرٍ لِمَزْرَعَةِ عَمِّ رُضْوَانَ. لَمْ تَكَدْ تَمُرُّ بِضْعُ سَاعَاتٍ حَتَّى أَحَسَّ زَاهِي بِأَلَمٍ فِي مِعْدَتِهِ، حَاوَلَ أَنْ يَكْتُمَ أَلَمَهُ لَكِنَّهُ لَمْ يَسْتَطِعْ، فَبَدَأَ يَصِيحُ بِصَوْتٍ عَالٍ اسْتَيْقَظَتْ أُمُّهُ، وَأَخْبَرَهَا أَنَّ مِعْدَتَهُ تَتَمَزَّقُ، وَأَنَّ جَسَدَهُ مُلْتَهِبٌ. - مَاذَا أَكَلْتَ الْيَوْمَ؟ - لَمْ آكُلْ شَيْئًا.
- أَخْبِرْنِي بِالْحَقِيقَةِ حَتَّى أَسْتَطِيعَ أَنْ أُسَاعِدَكَ. - الْحَقِيقَةُ أَنِّي أَكَلْتُ مِنْ مَزْرَعَةِ وَالِي. - أَلَمْ أَنْصَحْكَ بِعَدَمِ الذِّهَابِ إِلَيْهَا، وَالْأَكْلِ مِنْهَا.. هَا أَنْتَ قَدْ أُصِبْتَ بِتَسَمُّمٍ. - طَارَتِ الْأُمُّ وَأَتَتْ لَهُ بِبَعْضِ أَوْرَاقِ الزَّنْجَبِيلِ، وَحَبَّاتِ الْعِنَبِ وَطَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهَا؛ فَهِيَ طَارِدَةٌ لِلسُّمُومِ. أَكَلَ زَاهِي بَعْضَ أَوْرَاقِ الزَّنْجَبِيلِ، وَمَصَّ بَعْضَ عَصِيرِ الْعِنَبِ.. بَدَأَ تَعَبُهُ يَزُولُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَرُغْمَ أَنَّ آلامَ بَطْنِهِ قَدْ زَالَتْ، وَحَرَارَةَ جِسْمِهِ قَدِ انْخَفَضَتْ إِلَّا أَنَّ رِيشَهُ الزَّاهِي بَدَأَ يَتَسَاقَطُ شَيْئًا فَشَيْئًا. أَخَذَتْ أُمُّهُ تَدْهُنُ جِسْمَهُ بِزَيْتِ الْخَرْوَعِ حَتَّى بَدَأَ رِيشُهُ يَنْمُو مَرَّةً ثَانِيَةً لَكِنَّهُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ لَمْ يَعُدْ زَاهِيًا كَمَا كَانَ.نَدِمَ زَاهِي عَلَى عَدَمِ سَمَاعِهِ كَلَامِ أُمِّهِ، وَعَلَى تَغَيُّرِ لَوْنِ رِيشِهِ، وَقَرَّرَ أَلَّا يَعْصِيَ أُمَّهُ أَبَدًا، وَأَلَّا يُصَاحِبَ الْأَشْرَارَ. | |
|