أعوان الإنسان على الإيمان والطاعة :
ولقد جعل الله تعالى للإنسان أعوانا على الإيمان والطاعة :
1- الروح : وهي نفخة من روحه سبحانه { فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُواْ لَهُ سَاجِدِينَ } ( ص : 72 ) وهي تهفو إلى معرفة الله ، وتطمئن بالإيمان به و عبادته جل وعلا
{ فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا } ( الروم : 30 )
2- العقل : وهو ما يميز به الحق من الباطل " إن لكل شيء دعامة ودعامة المؤمن عقله فبقدر عقله تكون عبادته، أما سمعت قول الفجار { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ }( الملك : 10 )
3- القلب السليم : وهو القلب الذي جعله الله تعالى أنزل فيه أمانة الدين و فطره الله تعالى على حبه والافتقار إليه والعز في الذل له والخشية منه والتوكل عليه ذلك القلب الذي على أصل الفطرة " التقي النقي الذي لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد "
4- الأنبياء و الرسل : ليحكموا بين الناس فيما اختلفوا فيه بما معهم من البينات ودين الحق ، وليبشروا المؤمنين بالجنة وينذروا الكافرين والعصاة بالنار .
{ كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ } ( البقرة : 213 )
{ وَمَا نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلاَّ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ {48} وَالَّذِينَ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا يَمَسُّهُمُ الْعَذَابُ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ } ( الأنعام : 48 – 49 )
{ رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا }( النساء : 165 )
5- شريعة الله ومنهاجه مع الرسل لتكون بمثابة الدستور الإلهي الذي يحتكم إليه في الدنيا والذي يحاكموا بمقتضاه يوم القيامة .
{ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ } ( المائدة : 48 )
{ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ } ( الصف : 9 )
وكما أن الله تعالى جعل للإنسان أعوانا على الإيمان والطاعة ابتلاه ببعض الفتن منها أربع جاءوا في قول الشاعر :
إني بليت بأربع ما سلطت * إلا لأجــــل شـــقاوتي و عـنائي
إبليس والدنيا ونفسي و الهوى * كــيف الخــلاص وكــلهم أعـدائي
إبليس يسلك في طريق مهالكي * و النفـــس تأمرني بكــــل بلائي
وأرى الهوى تدعو إليه خواطري * في ظــــلمة الشــــبهات والآراء
وزخارف الدنيا تقول أما ترى * حســني و فخــر ملابســي و بهـائي
ولقد كان بلاء الله تعالى الإنسان ليعلم الذين آمنوا .
{ إِن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاء وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الظَّالِمِينَ } ( آل عمران : 140 )
وليعلم الله الصابرين المهتدين .
{ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ } ( البقرة : 155 – 157 )
وليعلم الله تعالى أي الناس أحسن عملا .
{ وَهُوَ الَّذِي خَلَق السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاء لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَلَئِن قُلْتَ إِنَّكُم مَّبْعُوثُونَ مِن بَعْدِ الْمَوْتِ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُّبِينٌ } ( هود : 7 )
أما المؤمنون فيسارعون في الإيمان وعمل الخيرات مستجيبين لنداء الفطرة والعقل والرسل فتؤمن قلوبهم وتنفذ جوارحهم شرع الله .
{ رَّبَّنَا إِنَّنَآ سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلإِيمَانِ أَنْ آمِنُواْ بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الأبْرَارِ } ( آل عمران : 193 )
( إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا ) ( الجن : 1- 2 )
واستجابوا لأوامر الله واحتكموا لشرعه .
{ إِنَّمَا كَانَ قَوْلَ الْمُؤْمِنِينَ إِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ أَن يَقُولُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ } ( النور : 51 )
و يزيدهم الله تعالى إيمانا وهدى .
{ وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ } ( محمد : 17 )
{ وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ مَّرَدًّا } ( مريم : 76 )
{ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِن تَحْتِهِمُ الأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ } (يونس : 9 )
{ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى } ( الكهف : 13 )
ويحبب إليهم الإيمان ويزينه في قلوبهم ويكره إليهم الكفر والفسوق والعصيان .
{ وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِّنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُوْلَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } ( الحجرات : 7- 8 )
أما أولئك الكافرون الذين استحبوا الحياة الدنيا على الآخرة فإن الله تعالى لا يهديهم بل يطبع على قلوبهم فلا يخرج منها الكفر ولا يدخل فيها الإيمان .
{ ذَلِكَ بِأَنَّهُمُ اسْتَحَبُّواْ الْحَيَاةَ الْدُّنْيَا عَلَى الآخِرَةِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ أُولَـئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ لاَ جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الآخِرَةِ هُمُ الْخَاسِرونَ } ( النحل : 107 – 109 )
وكذلك من ظلم نفسه باتباع هواه وجحد هدى الله .
{ قُلْ فَأْتُوا بِكِتَابٍ مِّنْ عِندِ اللَّهِ هُوَ أَهْدَى مِنْهُمَا أَتَّبِعْهُ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ } ( القصص : 49 – 51 )
كذلك الذين مالوا عن الحق وحادوا عن الصراط المستقيم فإن الله تعالى أبعد الإيمان عن قلوبهم التي ملئت بكره أنبياء الله
{ وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ } ( الصف : 5 )
كذلك الذين يحلون ما حرم الله ويحرمون ما أحل الله تعالى بغير هدى من الله ولا كتاب منير .
{ إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلِّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِؤُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ اللّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ } ( التوبة : 37 )
كذلك المنافقين الذين { َإِذَا لَقُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ قَالُواْ آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْاْ إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُواْ إِنَّا مَعَكْمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ {14} اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ {15} أُوْلَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرُوُاْ الضَّلاَلَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَت تِّجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُواْ مُهْتَدِينَ } ( البقرة : 14 : 16 )
فالكفر نزع الإيمان من القلب وحشوه بالمعاصي والآثام فلا يعرف الإيمان طريقا إلى قلب الكافر مهما رأى صاحبه من آيات الله ومعجزات رسله .
{ تِلْكَ الْقُرَى نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَآئِهَا وَلَقَدْ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ بِمَا كَذَّبُواْ مِن قَبْلُ كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللّهُ عَلَىَ قُلُوبِ الْكَافِرِينَ } ( الأعراف : 111 )
وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ وَلَئِن جِئْتَهُم بِآيَةٍ لَيَقُولَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ أَنتُمْ إِلَّا مُبْطِلُونَ {58} كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } ( الروم : 58 – 59 )
وعلاقة القلب بدين الله وشرعه يوضحها لنا رسولنا الكريم الذين أوتي جوامع الكلم في الحديث عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: حَدّثَنَا رَسُولُ اللّهِ حَدِيثَيْنِ قَدْ رَأَيْتُ أَحَدَهُمَا، وَأَنَا أَنْتَظِرُ الآخَرَ. حَدّثَنَا "أَنّ الأَمَانَةَ نَزَلَتْ فِي جَذْرِ قُلُوبِ الرّجَالِ. ثُمّ نَزَلَ الْقُرْآنُ. فَعَلِمُوا مِنَ الْقُرْآنِ وَعَلِمُوا مِنَ السّنّةِ". ثُمّ حَدّثَنَا عَنْ رَفْعِ الأَمَانَةِ قَالَ: "يَنَامُ الرّجُلُ النّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ. فَيَظَلّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْوَكْتِ (الأثر اليسير )، ثُمّ يَنَامُ النّوْمَةَ فَتُقْبَضُ الأَمَانَةُ مِنْ قَلْبِهِ. فَيَظَلّ أَثَرُهَا مِثْلَ الْمَجْلِ ( المَجْلُ: أن يكونَ بين الجِلْدِ واللحمِ ماءٌ( . كَجَمْرٍ دَحْرَجَتْهُ عَلَى رِجْلِكَ) فَنَفِطَ ( مثل المجل ) فَتَرَاهُ مُنْتَبِرا وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ (ثُمّ أَخَذَ حَصىً فَدَحْرَجَهُ عَلَى رِجْلِهِ) فَيُصْبِحُ النّاسُ يَتَبَايَعُونَ. لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدّي الأَمَانَةَ حَتّى يُقَالَ: إِنّ فِي بَنِي فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينا. حَتّى يُقَالَ لِلرّجُلِ: مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ " ( حديث صحيح متفق عليه )
فالأمانة فهي مناط التكليف و محلها القلب ثم أنزل الله القرآن الكريم و جعل الإيمان بما فيه من عقائد محله القلب ، وعلمنا النبي أن رفع الأمانة يكون بفساد القلب و إشرابه للفتن فيرتكب المعاصي من كفر ونفاق وظلم .. ، أما من عمّر قلبه بالإيمان فيظل قلبه سليما لا تأثر فيه الفتن ولهذا كان r يقول: (اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك).( رواه ابن ماجه والحاكم وأحمد )
عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ: كُنّا عِنْدَ عُمَرَ. فَقَالَ: أَيّكُمْ سَمِعَ رَسُولَ اللّهِ يَذْكُرُ الْفِتَنَ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: نَحْنُ سَمِعْنَاهُ. فَقَالَ: لَعَلّكُمْ تَعْنُونَ فِتْنَةَ الرّجُلِ فِي أَهْلِهِ وَجَارِهِ؟ قَالُوا: أَجَلْ. قَالَ: تِلْكَ تُكَفّرُهَا الصّلاَةُ وَالصّيَامُ وَالصّدَقَةُ. وَلَكِنْ أَيّكُمْ سَمِعَ النّبِيّ يَذْكُرُ الْفِتَنَ الّتِي تَمُوجُ مَوْجَ الْبَحْرِ؟ قَالَ حُذَيْفَةُ: فَأَسْكَتَ الْقَوْمُ. فَقُلْتُ: أَنَا. قَالَ: أَنْتَ، لله أَبُوكَ!
قَالَ حُذَيْفَةُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللّهِ يَقُولُ: "تُعْرَضُ الْفِتَنُ عَلَى الْقُلُوبِ كَالْحَصِيرِ عُودا عُودا. فَأَيّ قَلْبٍ أُشْرِبَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ. وَأَيّ قَلْبٍ أَنْكَرَهَا نُكِتَ فِيهِ نُكْتَةٌ بَيْضَاءُ. حَتّى تَصِيرَ عَلَى قَلْبَيْنِ، عَلَى أَبْيَضَ مِثْل الصّفَا. فَلاَ تَضُرّهُ فِتْنَةٌ مَا دَامَتِ السّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ. وَالآخَرُ أَسْوَدُ مُرْبَادا – مائل للسواد – كَالْكُوزِ – إناء كالإبريق - مُجَخّيا – تجخّى الكوز انكبّ - لاَ يَعْرِفُ مَعْرُوفا وَلاَ يُنْكِرُ مُنْكَرا. إِلاّ مَا أُشْرِبَ مِنْ هَوَاهُ " ( حديث صحيح رواه مسلم وأحمد ).
ولقد جعل الله تعالى دخول الجنة قاصرا على صاحب القلب السليم من أمراض القلوب{ وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَن بِالْغَيْبِ وَجَاء بِقَلْبٍ مُّنِيبٍ ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ }( ق : 31 – 34 )
{ وَاجْعَلْنِي مِن وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ لَا يَنفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ } ( الشعراء : 85- 89 )
" ولقد خص الله تعالى القلب بالذكر؛ لأنه الذي إذا سلم سلمت الجوارح، وإذا فسد فسدت سائر الجوارح و القلب السليم الصحيح هو قلب المؤمن؛ لأن قلب الكافر والمنافق مريض؛ قال الله تعالى: { في قلوبهم مرض .. } ؛
و لأن جميع العبادات البدنية لا تصح إلا بتصحيح هذه المسألة في القلب، فافهم ذلك "